الثلاثاء، 7 مايو 2013

أهل القبور ما بين أمواتٍ و أحياءٍ كالأموات




"تنويه"



هذه النوت ليس الغرض منها استدرار عطف أو صعبانيات سيادتكم .. 

و أي تطابق بين أي شخصية من شخصيات النوت و شخصيات في أي عمل درامي هو من قبيل محاكاة الواقع


--------------------------------------------



أبطال النوت .. 
____________


عم محسن و زوجته و بنتهم أمل .. أم إنجي و يوسف .. منى و ابنها الصغير طه ..

ندى و محمد و شهد و عيلتهم

الراجل الضخم اللي لابس بيجاما بيضا بكنار أزرق و أختينه الكبار

و ناس تانيين معرفتهمش .. 



--------------------------------------------



تبدأ النوت من أول ما دخلنا بالعربية منطقة ترب الغفير .. 

أو خلينا نبدأ من قبلها .. بساعة تقريبا .. 

كنت طلبت من ماما أروح مع صديقتي نوصل تبرعات لسكان المقابر الأحياء طبعا .. 

ماما طلبت مني أسلمها التبرعات من غير ما أروح هناك .. لخوفها عليا من المكان هناك

أو لأنها أدرى بطبيعة بنتها الضعيفة أمام هذه الأشياء .. 

لكنّي قررت أخوض التجربة رغم كل شيء


--------------------------------------------

بدون الدخول في تفاصيل مملة .. 



نبدأ أول المشاهد الداخلية للمنطقة .. 
___________________________


عمو محسن ساكن أحد الأحواش في المنطقة .. كان بانتظارنا و المؤن 

فتح الحوش و دعانا للدخول .. 

الحوش عبارة عن قبرين و غرفتين

القبران كانا لبكباشي بالجيش المصري و فتاة ماتت في السابعة عشر من عمرها 

بعيدا عن جو التأملات و الخواطر اللي عشته وقتها .. 

بدأنا نتكلم مع عمو محسن عن حصر أسماء الناس اللي هيتوزع عليهم التبرعات .. 

ثم خرجنا من هناك في جولة في الأحواش المجاورة .. 


-----------------------------------------------


حوش قريب .. كان فيه ست عجوز بتمشي ع عكاز

و امرأة شابة و طفلتها الصغيرة السمراء ذات الابتسامة الجميلة نايمة في عربية أطفال .. اسمها إنجي

و أخرى يبدو من مظهرها أنها مريضة بمرض عقلي و هي منى و طفل صغير اسمه طه .. عرفت لاحقا إنه ابنها

سلمنا عليهم و استكملنا الجولة 



------------------------------------------------

كنّا عند أول الناصية عندما لمحناهم .. أو لمحونا! 

ندى و شهد  الصغيرتان .. اقتربتا من صديقتي التي يعرفونها .. 

رموا بنفسيهما في حضنها .. سلمت عليهم ! 

ندى .. الجميلة ذات الابتسامة التي تأسرك و الحديث الشيق 

فات من عمرها أربعة عشر عاما .. لا تعرف القراءة أو الكتابة 

حال أسرتها المادية لا يسمح بارتيادها إحدى المدارس الحكومية المجاورة .. 

 أخبرتني أنها بالكاد تستطيع كتابة اسمها 

و عندما سألتها إن كانت تحفظ حروف الهجاء نظراتها كانت كفيلة بالرد! 

أخبرتني صديقتي أنها تتمنى لو تجد من يعلّم ندى القراءة و الكتابة 

فكرّت لو أن يمكنني القيام بهذه المهمة

 و سألت ندى عن الأطفال في مثل عمرها أو أصغر من ذلك أو أكبر و لا يعرفون القراءة و الكتابة

قررت أنه لو قُدّر لي ذلك أول كلمات سأعلمها لندى و غيرها هي " الحب / الرحمة " 


__________________________________________


عدنا أدراجنا لعمو محسن لنشرف على عملية توزيع الإعانات .. 

وجدنا أن من تأخذ شيئا تسارع بإخبار جاراتها 

حتى وجدنا تجمع كبير لا يتناسب مع ما قمنا بإحضاره!

و بدأ البعض في التذمر و الشكوى 

و عبثا حاولنا إفهامهم أن ذلك ما كان في مقدرتنا هذه المرة! 

انصرف الجمع و ذهبنا مرة أخرى لعائلة ندى! 

أخبرتني صديقتي أن عائلهم الجد متزوج من اثنتين 

و هو و أولاده و أحفاده يعيشون في غرفتين ملحقتان بأحد الأحواش 

و لديه ابن في الثلاثين من عمره من مصابي الثورة 

يبحث عن عمل يساعد به عائلته من غير جدوى!

و هذا أقصى آماله! 

دخلنا و جلسنا على الكنبة البلدي الهالكة الوحيدة لديهم 

أصرّوا على تقديم العصائر إلينا رغم رقة حالهم .. 

جلس حولنا الأطفال .. كانت زوجة أحدهم تقوم بدق شيء أمامها 

سألتها .. أخبرتني أنها تعمل من أجل المشاركة في سد رمق هذه الأسرة! 

كانت تقوم بدق مسامير الستائر القديمة و إرسالها لأحدهم الذي يقوم بإعادة طليها مرة أخرى لتصبح كالجديدة! 

كل ذلك بسعر زهيد جدًا! .. رغم ضعفها بسبب حملها إلا أنه لا خيار لديها!


بعد قليل حضرت المرأة الشابة بطفلتها إنجي المريضة بضمور ف المخ .. 

و كانت صديقتي تساعدها بإيصالها لمن يمكنه مساعدة طفلتها!

قدمت إلينا بعض الأوراق و انصرفنا .. و كانت ندى برفقتنا!

أخبرتني صديقتي أن ندى تعيش حياتها داخل الأحواش ولا ترى شيئا غيرها .. 

لا تذهب إلى المدرسة .. تساعد أسرتها في المنزل .. 

طفلة بمثل عمرها لا تتحمل كل هذا البؤس 

إلا أن ندى تمتلك إبتسامة و روح قادرة على التغلب على كل هذا! 


-------------------------------------------------------------

سألت ندى عن منى .. المرأة المريضة ! .. 

أخبرتني أنها عندما كانت صغيرة سقطت فوق رأسها مما أدى لما وصلت إليه! 

هي مريضة عقليًا و نفسيًا كما يبدو .. 

و عندما سألتها .. كيف أن هذا الطفل ابنها إذن ؟ 

قالت : يجيء بعض الرجال و يفعلون بها ما يفعلون .. 

و أخبرتني أنها أنجبت العشرات من الأطفال .. معظمهم تم شراؤهم لأغراض مختلفة! 

.. لا أدرِ لما تذكرت فيلم "توت توت " لنبيلة عبيد .. نفس القصة! 

يستغل بعض أنها مريضة عقليا لإشباع رغباتهم الحيوانية! 

لم يعد معها سوى هذا الطفل الصغير طه! 

و هي بالأساس لا تستطيع رعاية نفسها لتكون مسئولة عن رعاية طفل صغير! 


-----------------------------------------------------------------


عودة مرة أخرى لعمو محسن و زوجته و ابنته! 

كل ما أعرفه عن هذه العائلة أن ابنتهم طالبة في كلية الإعلام! 

أتخيلها عندما يسألها أحدهم عن وظيفة والدها فتقول : تُربي! 

أو من تسألها من صديقاتها عن مكان إقامتها .. 

و أتخيل رد فعل البعض بما إننا كمجتمع تمت تربيته على الطبقية .. 

و الحكم على الأفراد من خلال وظيفة والده أو محل إقامته! 


ياللمراره .. 

--------------------------------------------------


رغم أنني أرفض مسألة تقديم المساعدات من خلال توزيع إعانات شهرية

أرى أنها غير مجدية .. 

إلا أن هذا ما نستطيعه فقط ! 


انتهى الحكي !

 

هناك 4 تعليقات:

An Author يقول...

أنا كنت عارفة أنك هتكتبي حاجة حلوة يا ساميتي. قلبي بيتوجع كل مرة بروح و ببقى مش عاوزة أروح و ببقى تعبانة من نظرة خيبة الأمل..
نفسي بجد نقدر نعمل لهم حاجة..

حتى إدخال السرور على قلبهم بزيارة أو تمشية، فرحة الأطفال دول بالذات بالدنيا لأن الموضوع مش فقر و يتم و عوز بس، مينفعش طفل يتربي في الترب.

Unknown يقول...

اسلوبك جميل لدرجة تخلى الواحد مش عايز النوت تخلص ... جميلة اوى .. وفعلا مأساويه

بيسان يقول...

شوشو
أنا معرفتش أكتب أساسًا .. و مهما كتبت حتى مش هعرف أوصف لا الحال و لا الإحساس !
و بمناسبة إدخال السرور ع قلوبهم .. و بما إننا داخلين ع صف كنت ناوية أقولك نعمل لهم مشروع البيسين المتحرك ده ! :)

بيسان يقول...

أحمد
شكرًا لك .. :)