الخميس، 10 سبتمبر 2009

تقارير الآنسة س " التقرير الثاني "


بائعة المناديل




في اليوم الثالث من شهر رمضان لسنة 1430 الساعه الثامنة صباحا .. كانت تستقل الحافلة المتجهة إلى مطار القاهرة للحاق بهم لوداعهم .. ولكنها تأخرت قليلا .. كان اليوم عطلة من العمل .. لم تعد للمنزل .. توجهت مباشرة للمكتب .. صعدت .. أدارت المفتاح .. دلفت للداخل .. أضاءت المصباح .. ثم الحاسب الآلي .. أخذت تتصفح تلك المواقع بطريقة روتينية .. تحدثت إلى صديقة لها .. أدهشها حضوره في هذا الوقت .. كانت قد قررت أن تنهي محادثة صديقتها وتتوجه إلى ذلك المكان القريب الذي ستجد فيه _ من المؤكد _ راحتها النفسيه وتنفض عن نفسها ذرات الغضب تلك التي علقت بها في ذلك الجو المليئ بالتوتر .. لكنه لن يترك لها المجال .. سويعات وأعطاها تلك الحقيبة ورحل .. انتظرت دقائق وتبعته .. كانت تحمل الحقيبة بيديها .. تتبادل حملها بكل يد على حدة ثم باليدين معا .. كانت قد اتخذت قررا بشأنها .. هناك من يستحقها ..

كانت تلك السيدة تجلس بجانب الطريق .. متسولة هي ؟؟ رأت ذلك الرجل ينحني عليها يعطيها شيئا ويرحل .. مرت بجانبها .. لقد انتشر محترفو التسول .. تجدهم يتفننون في ابتكار وسائل جديدة .. منهم من يحاول رسم البؤس والشقاء على تعابير وجهه .. ويستطيع خداعك بذلك .. منهم من تخلو ملامح وجهه من تلك التعابير .. وإنما تعلوها نظرات تنم عن الترقب والتحفز لك.. وأحيانا توحي بالإنقضاض .. إن لم تستجب لهم .. وإن استجبت وأعطيتهم بضعة قروش ما ان تلتفت عنه حتى ينظر إلى تلك القروش وينظر لك تلك النظرة التي تقول " خليهوملك تجيب بيهم مصاصة للأولاد " .. منهم من يضع أمامه بضعة أكياس من المناديل ليخبرك أنه يكسب قوته من بيعها .. يمد يده إليك بأحدها وهو يمطرك بوابل من الدعوات .. مما يدعوك _ إن كنت ممن يتأثر بذلك _ أن مد يدك داخل جيبك وتضع المال في يديه دون أن تأخذ كيسا من المناديل .. أو أن تعطيه مالا أزيد من حقه وتستحي في طلب الباقي .. منهم من تجده يستوقفك ليخبرك أنه أتٍ من ذلك المكان البعيد وأنه لا يوجد معه حتى ثمن تذكرة العودة .. منهم من يصعد للحافلة ويكتفي بتوزيع تلك الورقة التي تخبرك أن زوجها متوفٍ ولها أبناء تعولهم .. أو أنه مريض ... منهم من يدفع أمامه كرسيا يجلس عليه طفل مريض أو شيخ كبير .. منهم ومنهم ومنهم .. ولكنك قد تجد في معظمهم صحة لا تتوافر فيك .. فتتساءل لمَ لا يستغلون صحتهم تلك في أعمال تحفظ لهم كرامتهم ..

عبرت للجانب الأخر .. سيدتان تجلسان لبيع المناديل .. تفادتهما .. أكملت طريقها وهي مازالت تحمل تلك الحقيبة .. استقلت المركوب .. بضع محطات .. هبطت .. عبرت الطريق .. مجموعة من الأطفال .. يضع كل منهم أمامه صندوق ومعدات تنظيف الأحذية .. نظرت إليهم .. كانوا مجموعة .. تجاوزتهم .. أكملت سيرها .. وقعت عيناها عليهم .. سيدة نحيفة الجسم .. وأطفالها قد ورثوا منها تلك النحافة .. نظرت إليها وابتسمت اقتربت منها ببطء " كل سنة وانتِ طيبة " .. ناولتها الحقيبة .. وذهبت ..
أيام متتالية .. تمر من ذلك المكان .. ولا أثر لهذه السيدة .. وكأنها قد أتت ذلك اليوم لتأخذ الحقيبة منها وترحل ..



الثلاثاء، 1 سبتمبر 2009

تقارير الآنسة س



رأيتهم على الجانب الآخر من رصيف المترو .. بينما أنا أسير على ذلك الجانب ..
في الخامسة والنصف عصرا ..
ذلك الوقت الذي يسرع فيه الجميع للعودة للمنزل قبل انطلاق مدفع الإفطار ..

سيدتان وثلاثة أطفال .. جالستان .. تحمل إحداهما طفلا .. أظنها طفلة
وطفل آخر يقف بعيدا .. وطفل صغير يجلس عند القضبان ..

لفت ناظري هذا الطفل ..
أسمر البشرة .. وسيم الملامح .. كان يجلس عند القضبان
يتناول بيديه الصغيرتين الرقيقتين تلك الأحجار البيضاء ..

يتناول واحدة .. ينظر إليها نظرة متفحصة بعين خبير ..
وفي ذهنه يتبادر السؤال .. هل تصلح هذه ؟؟

يتناول أخرى .. يضعها فوق الأولى .. يرفعهما لأعلى ..
ثم يقف ويذهب إلى ذلك العامود .. ويضع فوقه تلك الأحجار ..

أنظر وقد قام برص العديد من تلك الأحجار ..
أظنه يتخيل تلك الكتلة الأسمنتية مربعة الشكل أساسا لمنزله الصغير ..

ينظر إلى ما فعله بفخر شديد .. وينادي على أمه كي تنظر ..
أراها من بعيد وهي تنهره ..

"
يتركها ويتابع بناء منزله الصغير ..

" على غرار تقارير السيدة راء ^_^
"


30/8/2009