الأربعاء، 22 مايو 2013

محطة مصر (4)





غالبًا كلّما قررت الذهاب إلى هناك تقابلها بعض المواقف المريبة ..

 تلتقي إناس غريبين فذلك الذي كان بجانبها في
الميكروباص يبدو مريبًا جدًا!

يرتدي نظّارة سوداء تضفي عليه القليل من الغموض ..

 يمسك بيد هاتفه المحمول المشغّل على إحدى أغاني "محمد منير" يدندن معه ..

 يلتفت في اتجاهات كثيرة .. و يتحرك بشكل مريب ..


 _________________




ما إن وصلت إلى هناك حتى هاتفت صديقتها و أخبرتها عنه ..

 تحدثتا بشأن أمور كثيرة ..

 ضحكتا ، انتهت المكالمة!




 ________________




محطة مصر ..

 لا تتذكّر المرة الكم هذه التي تأتي فيها إليها ..
 في الحقيقة لم تعد تحسب لنفسها المرات ! تأتي إليها فقط كلّما شعرت بحاجتها إلى ذلك !

 يربطها شيء ما بهذا المكان ..

 صخب المسافرون ..

 صوت الصفير المعلن عن قدوم القطار ..

 حتى صوت الصفير المغادر .. الصفير المهاجر! ..

 لكن ذلك الصوت المزعج لا تحبه ..

 صوت هدير المحركات المنتظرة! أو لربما لأنها في كل مرة تريد الرحيل .. ولا تملك ذلك!

 و صوت الانتظار يذكّرها بعجزها 



_________________




دائمًا يكون معها شيء تقرأه في هذا المكان ..

 أخرجت الرواية و شرعت في استكمالها ..

 وجدت نفسها مندمجة على غير العادة غارقة في التفاصيل!

 كأنها جزء من الرواية .. في نفس المكان ..

 تشعر باتساع الغرفة و ضيقها .. الضوء و الظلام .. تشارك البطل آلامه و ضحكاته ..

 كل شيء! ..

 تشرد عنها قليلًا ثم تعود ..




 __________________




لم تعد تجد حرجًا في نظرات بعض الأشخاص إليها .. أو تحديق البعض!

 تنظر إليه لتجده يمشي باتجاه و رأسه في الاتجاه  المعاكس!

 تتخيّل لو ظهر أمامه عمود فجأة .. تضحك لفكرتها الشريرة!


 __________________




 قطارات تأتي و قطارات ترحل أمام الأرصفة الخمسة أمامها!

 و هناك ثلاثة أرصفة أخرى في الجهة المقابلة ..

ثمانية أرصفة ..

 الخمسة أمامها مخصصة لقطارات الوجه البحري .. و الثلاثة الأُخر مخصصة للوجه القبلي!

هي تعتقد ذلك و إن لم تسأل .. 




_________________




ربما ذكّرت مسبقًا أن من ضمن أسباب مجيئها هو مراقبة الناس ..

المسافرون بصفة خاصّة ..

 هي أيضًا تراقب الحمائم و العصافير .. التي تدخل من فتحات السقف ..

تبحث عن طعامها .. أو عن وليف! 




_________________




و هي منهمكة في القراءة اقترب منها طفل صغير ..

 لم تنتبه إليه!

 جاء ليتسوّل .. و يحمل في يده شيء يريها إياه !

لم تتبين أنه جواز سفر إلا بعد أن تجاوزها ..

 أيقنت هي من ملامحه أنّه طفل سوري  !

 أرادت لو عاد إليها مرة أخرى لتسأله عن حاله و أهله ..

 أين يسكن .. رقم هاتف تستطيع من خلاله مساعدتهم!

 تابعته بنظراتها على أمل أن يعود لكنّه اختفى!

 و ظهر فجأة أمامها على الرصيف المقابل ..

و هناك سيدة و زوجها يتحدثان معه في حديث طويل ..

 ثم تركهما و شرع في استكمال ما يفعل!

 تساءلت .. هل كونه طفل سوري سيساعده على احتراف التسوّل؟!

 لا تريد له ذلك!

 كما جاء ببالها مبادرات المساعدات لصالح السوريين بمصر ..

و هناك من المصريين الأرق حالًا ولا يجد من يسأل عنهم! 



 _____________________




جلسوا بجانبها ..

 ثلاثة!

طفل و أمّ و جدٌّ .. ثلاثة أجيال ..

 الأم أخرجت علبة "الكشري" لطفلها الذي بدأ يتناوله في نهم ..

 و الجدّ شرع في التدخين .. و الأم التفتت إلي تسألها عن قطار المنصورة!

 ملامحها تؤكد ذلك فعلًا .. و إن كان سمرة بشرتها في البداية خدعتها..

 لم تكن قد لاحظت لون عينيها الآثر!

عند قدوم القطار وقف الطفل ..خافت الأم عليه بالرغم من بعد المسافة بين الطفل و القطار

 .. تركها و ذهب مع جدّه بينما تتوالى نداءاتها المتكررة عليه




 __________________




وقفتا أمام أحمالهما ..

 خمسة أسبتة من الخوص .. حملها إليهم ذلك الرجل النحيف ..

 كافأتاه ببضعة نقود و قطعة من الجبن التهمها في الحال!

 فلّاحتان .. تحملان الجبن و الزبّد من قريتهما لبيعه في القاهرة!

 كانتا تطلبان المساعدة من العابرين لمعاونتهما في حمل الأسبتة الثقيلة فوق رأسيهما!

  شدّتها ملامحهما الريفية الجميلة .. ذلك البياض المشرّب بحمرة .. جلابيبهن التي لم تتخلّيا عنها ..

حقًا..

.. الجميلات هنَّ القوياتُ" يأسٌ يضيء ولا يحترق" 


ليست هناك تعليقات: