الاثنين، 21 يناير 2013

محطة مصر ..





        (1)


لا تذكر عدد المرات التي اعتادت فيها الذهاب لهذا المكان .. بغير انتظار لأحدٍ! ..
هي لا تنتظر في الغالب غير صديقتها السّكندريَّة ..

تَذْكُر أنها خلال سنوات عمرها المنقضية لم تستقل القطار سوى أربع مرات! ..
 مرتان للأسكندرية .. و مرتان للصعيد إحداهما كانت طفلة صغيرة لا تعي ما السفر و ما القطار!


 لكنها لا تدري سر عشقها للمكان بأي حال .. أصبح ملجأً لها ..
 و لعل روحها تقود هذا الجسد .. أهناك من ينتظرها .. أو من تنتظره!
ما تعرفه حقًا هو عشقها للسفر ..
لعل لحظات الجنون تلك تأخذها ذات مرة فتصعد أحد القطارات الساكنة تلك الأرصفة فوق قضبانها ..
 أي رصيف .. أي قطار !
 لعلها تلك اللحظة! ..
تطالع شاشة قيام القطارات و توقيت القيام ! الأقصر ، الإسكندرية ، بورسعيد ، أسوان ..

  فلتصعد أي قطار .. و تراقب الطريق .. الأشجار .. تلك البيوت البسيطة المتناثرة ..


و ما إن تطأ قدمها الأرض حتى تتجول في شوارع المدينة التي لا تعرفها !
تتوه بداخلها .. و تعود مجددًا للقطار .. هي لا تريد العودة!

 تتمنى لو تنتقل من قطار لآخر دون ملل! ..


 انتزعها من أفكارها فتاتان .. جلستا بجانبها تتحدثان ..

إحداهن تقوم بتحريك قدمها بعصبية ..


مما يتسبب في اهتزاز الباب الزجاجي الذي يستندوا إليه جميعًا!
 و انتقلت العصبية تلك إليها .. أرادت أن تطلب منها بأدب شديد أن تكُف عن فعلها ..
.. لكتها أبعدت ظهرها عن الباب في صمت 



_________________________


    (2)

كانت تحاول العبور وسط هذا السيل الجارف من البشر  محاولة تفادي الاصطدام بأحدهم ..
 لتجلس في مكان مناسب!
 اعتادت أن تذهب إلى هناك و تمارس هوايتها في المراقبة .. مراقبة الجميع! 

تراقب كل تلك الأجسام المتحركة منها و الساكنة .. الذاهبة و الآتية .. المسرعة و المتأنية ! 

عُمَّال النظافة الذين اعتادت رؤيتهم .. فتشفق عليهم ..

 الأطفال في صحبة ذويهم و هم يتقافزون في فرح .. فيشرق وجهها ..

 تلمح المتأبِّطين في سعادة .. فتبتسم .. 

و هذا التائه فوق كرسيه المتحرك .. يتلفت يمنة و يسرة في عصبية ! 

ودَّت لو تذهب إليه و تسأله إن كان بإمكانها مساعدته ؟! ..

 بعد لحظات تجده يهاتف أحدهم فيطمئن قلبها ..

 تشعر بالبرد يهز أوصالها و يرتجف جسدها فتضع فوقها ذلك الوشاح الصوفي .. 

!تُخْرِج الرواية من حقيبتها و تبدأ في القراءة .. تأخذها بعيدًا عن المكان ..

بين الفينة و الأخرى تعيدها الأصوات لواقعها ..

 تنظر للقادمين .. و الواقفين ..

 لا تلتفت لذلك المحملق إليها .. تُشيح بنظرها عنه!

 ولا إلى ذلك العابر الذي يلقي إليها بكلمات لا تسمعها ..

 و لكنها ودّت في قرارة نفسها لو قامت إليه فلكمته! 

تترك مراقبة البشر و تتأمل في الديكورات حولها .. هي لا تراها للمرة الأولى!

 و كل مرة ترى أنها مبالغ فيها ..

 تجد أولئك المنبهرين يلتقطون لها الصور .. أو لأنفسهم و هذه الديكورات المقيتة في الخلفية ! 

هي لا تُنكر أنها هي بنفسها قامت بذلك أول زيارة لها بعد التجديدات ..  فقط  هي لم تنبهر! .. 

لكتها أصبحت لا تلتقط سوى بعض اللقطات لها و لصديقتها في هذا المكان ..  فقط للذكرى!  



ليست هناك تعليقات: